ما معنى شرب الحليب في فيلم سينمائي؟ معلومة من أسرار إخراج الأفلام .
يهتم صانعي الأفلام والمخرجون بأدق التفاصيل والتي قد تؤثر في رؤيتنا للفيلم وللبطل، سواء كان هذا التأثير بشكل مباشر كلغة الحوار أو بشكل غير مباشر عن طريق استخدام مؤثرات ثانوية كالمشروبات مثل الحليب
هل اندهشت؟ لا داعي للاندهاش، ففي عالم السينما يوجد مصطلح خاص معروف باسم “تأثير الحليب”! ففي الغالب يُستخدم من قِبل القائمين على الحِيَل النفسية لإبقاء الجمهور مفتون ومولع بشيءٍ ما أو لتمرير فكرةٍ ما عن الشخصية بطريقة غير مباشرة!
نريد اليوم أن نُقدم لكم بعض المشاهد المشهورة والتي تناول فيها البطل الحليب وما كان المقصد من وراء هذه التفصيلة. فقط دعونا نأخذكم في جولة لمجموعة من الأفلام لننظر لها بنظرة مختلفة!
1. يُعد شرب الشخص الكبير للحليب تلميحاً للبراءة!
اعتاد “ليون” الفرنسي شرب الحليب بالرغم من أنه قاتل مأجور محترف. وفي الحقيقة أراد المخرج إعطاء تلميحاً بهذه التفصيلة الصغيرة، وهي أنه بالرغم من كون البطل يمتهن هذه المهنة السيئة وأن شخصيته تبدو عليها ملامح القوة والصرامة، إلا أنه في الحقيقة يحمل بداخله شخصية طفولية وبريئة!
2. إذا شَرُعَ البطل السيئ بشرب الحليب فهذا يعني أن المخرج يعتزم إظهار القوة والسيطرة
فكما حدث في فيلم “لا بلد للعجائز” فإن بطل الفيلم “أنطوان تشيجوره” صاحب الشخصية القاسية، والذي تعمد عدم إثارة أية مشاعر تعاطف مع الجمهور، ومع ذلك عند اقتحام منزل ضحيته التالية، ذهب للثلاجة دون إذن ليُمسك بزجاجة حليب، ثم جلس بكل أريحية على الأريكة ليشربه في هدوء مخيف. وهنا أراد المخرج بث رسالة وهي أن البطل باختراقه حُرمة الثلاجة وتناول الحليب الذي يرمز للراحة والسكون، فهو بذلك قد اخترق حُرمة المنزل نفسها وجميع القواعد.
نفس المقصد استخدمه مخرج فيلم “ستسيل الدماء” حين قام تاجر المخدرات ذو القلب القاسي في آخر مشهد بالفيلم قبل قتل إيلي مباشرة بترديد جملة “سأشرب الحليب الخاص بكِ، سأشرب كل نقطة فيه”. بالطبع هنا لا يشير البطل إلى الحليب في حد ذاته، ولكنها استعارة لإظهار قوة وسيطرة المجرم، والتي يستمتع بها المجرم على ضحيته.
3. قد يشير تناول الحليب إلى رمز انهيار القيم الأخلاقية المقبولة في العموم وهيمنة الشر على الخير!
في فيلم “أوغاد مجهولون” قام مخرج الفيلم في مشهد محوري، بتمرير فكرة قوة وسيطرة بعض المؤسسات من خلال لغة السينما، حيث قام أحد المزارعين الفرنسيين بتقديم كوب من الشراب للعقيد الألماني القاسي، ولكن الأخير رفض وطلب كوب من الحليب. وتدور أحداث المشهد والعقيد يأخذ رشفات من الحليب بينما يمارس الضغط والقهر على المزارع البسيط!
4. قد يريد المخرج خداع المُشاهد من خلال تقديم البطل على أنه بريء ويحمل روح نقية!
يلجأ بعض المخرجين إلى إقناع المُشاهد بأن الفيلم يحمل كمّ نقاء وأمان من خلال تفاصيل صغيرة مثل اختيار الألوان والمشروبات وهو ما حدث في فيلم “اخرج”، حيث تجد أن الشخصية المحورية في الفيلم ترتدي سترة ناصعة البياض وتشرب شيئاً يدل على السلام والبراءة مثل الحليب !
وهذا هو نفس الأسلوب الذي اتبعه من قبل رائد الأعمال التشويقية والنفسية في الأفلام وهو ألفريد هتشكوك، حين قام بتقديم مشهد شهير في فيلم “الشك” حيث جعل الجماهير تظن أن البطل يُقدم الحليب المسموم لزوجته من أجل الحصول على الميراث!
لقد كانت فكرة بارعة أن يضع السم في المشروب الصحي “أي دمج الشر مع البراءة والخير”، بالرغم من أنه في الواقع لم يكن هناك سم في المشروب على الإطلاق!
5. يُعد استخدام الحليب في بعض المشاهد إشارة هامة لعُمر الشخصية!
تُعد الإشارة لعدم نضج الشخصية وصِغر سنها باستخدام الحليب، من أكثر الدلالات وضوحاً للمُشاهد! ففي فيلم الدراما الأمريكي “ثُر بلا سبب” بينما كان الشاب الذي يُدعى “جيمس” في حالة مجون ليلي، إلا أنه يظهر في صباح اليوم التالي يشرب الحليب، مما يدل أن بداخله صراع بين مشاعره الطفولية ومشاعر الكبار!
والأمر نفسه في فيلم الجريمة والسيرة الذاتية “امسكني لو استطعت” حين قام الطيار الكبير باستخدام سحره طوال الفيلم، ولكن بمجرد أن سألته المضيفة عن مشروبه، فأجابها “الحليب!” وبذلك يكشف عن عُمره الحقيقي!